رقصة "البلوتوث"
مارلين سلوم
احترسوا من “البلوتوث”، فهذه التقنية العالية في عالم الهواتف، تتمكن في لحظات من التفرقة بين الأزواج وتشريد الأطفال وهتك أعراض الشرفاء بكبسة زر و”من بعيد لبعيد” .
قبل ثلاثة أيام، جاءت تلك السيدة المطلقة إلى “الخليج” لتحكي قصتها مع طليقها و”البلوتوث”، ومعاناة خمس سنوات من العذاب والذل انتهت بإثبات براءتها من تهمة “هتك عرض بالرضا” وتقديم الدليل القاطع على أنها ليست هي “راقصة البلوتوث” .
كانت القصة قد بدأت عام 2005 حين أرسل “أحدهم” رسالة “بلوتوث” إلى زوج السيدة ليشاهد فيها “زوجته” وهي ترقص بلباس غير لائق أمام رجل غريب . طبعا، فعلت الرسالة فعلها ودخل الشك إلى قلب الزوج ولم يصدق توسلات زوجته وتأكيدها براءتها، إلى أن وقع الطلاق ودخل الطرفان في نزاعات في المحاكم استمرت سنوات . ولولا الملاحظات التي توقف عندها التقرير الفني للإدارة العامة للأدلة الجنائية، حول وجود فروقات بين المتهمة وتلك “الراقصة” في الرسالة، لبقيت المسكينة تحمل وصمة عار لم ترتكبه على جبينها مدى الحياة، بل سترافقها بعد الممات وستطال من سمعة ابنتها التي شهدت هذه المعركة بين والديها وهي لا تزال جنينا في بطن أمها .
خالان في الوجه ولثغة في النطق تكفلا بتقديم إثبات براءة الأم التي لم يدعها “أبناء السوء” تهنأ بزواجها . ولولا هاتان العلامتان الفارقتان، كيف كانت المحكمة ستميز بين الصورة والأصل، وكيف كانت ستثبت المتهمة براءتها أمام أهلها وطليقها وأهله، وأمام ابنتها وكل الناس والمجتمع؟
لو وقعت هذه الحادثة في إحدى الدول العربية التي تنتشر فيها “جرائم الشرف”، لقضي أمر السيدة قبل أن تتمكن من إثبات براءتها، خصوصا أن القضية استغرقت سنوات قبل إظهار الحقيقة .
أصبح الموبايل وسيلة سهلة لهتك أعراض الفتيات والنساء، مثل ذاك الذي وضع هاتفه في حمام السيدات ليصور زميلاته في العمل، والمزارع الذي ألقي القبض عليه أمس في دبي أثناء قيامه بتصوير النساء في مركز للتسوق مستغلا قصر “التنورة”، وبعضهم يتحايل بتصوير فتيات من الخلف أو يخفي الوجه ليستخدم الصور كوسيلة للتهديد أو للتفرقة بين الأزواج، وهناك من يقوم بتصوير زوجته ليهددها بالصور لاحقاً إذا وقع أي خلاف بينهما، كما حصل قبل سنتين في السعودية .
رجال القانون يحاولون مواكبة العصر، لكن العدالة تسير ببطء لا يتناسب وسرعة انتشار التقنيات وهوس الناس لها، لذا على الأهل والأزواج تدارك الأمور والتسلح بالثقة قبل الاستسلام لمكر الهواتف وخدعها . فكم رقص ''البلوتوث'' فوق أشلاء الأسر التي تفتتت بسببه، وكم جريمة إنسانية واجتماعية ارتكبت بواسطته؟
>>منقووول<<